نحن على وشك فقدان هؤلاء "الرّواد الجدد" إلى الأبد: وإن لم تواكبهم، ستصبح العلاقات العامة بلا مستقبل

تسير دورة الأخبار بسرعةٍ غير مسبوقة، بينما تتسابق القنوات الإخبارية لجذب انتباه الأجيال الشابة. وأمام هذا المشهد، أصبح لزاماً على مهنيي العلاقات العامة إعادة النظر في طرق تعاملهم مع الصحفيين. بقلم أيليت نوف Ayelet Noff.

مع التحوّلات المتسارعة في السلوك الرقمي، حوّلت عادات الجيل الشاب وسائل التواصل الاجتماعي إلى فضاء تهيمن عليه ثقافة "فكاهة العفن الدماغي" و"عصر الريز (عصر الجاذبية)"، حيث تتغير أساليب سرد القصص وتلقيها بشكل جذري. وعلى الرغم من بقاء الإعلام التقليدي، إلا أن الصحفيين الشباب قد سبقوا الجميع بإعادة تشكيل مشهد الأخبار واستهلاكها."

هذا التحوّل ليس مجرّد انتقالٍ بين المنصات، بل هو ثورةٌ في الثقافة الإعلامية ذاتها. فتقاعس العلاقات العامة عن التطوّر وفهم مقوّمات المحتوى الجاذب (رِيز) للشباب، يهدّد بفقدان أهميتها تماماً مثل منصّات الإعلام التي يهجرها الصحفيون يوماً بعد يوم.

ملاحقة الصحفيين أينما حلّوا

يتخلّى الصحفيون عن منصة إكس (تويتر سابقاً) بسبب تلاعب إيلون ماسك بها، بينما يبتعد الجيل الشاب وجمهوره عن الإعلام التقليدي نحو قنوات تُقدّم الصدق الخام والشفافية المطلقة. الناس يريدون سماع الحقيقة، مهما كانت مُرّة.

وبما أنّ خبراء العلاقات العامة يتابعون الأخبار والاتجاهات باستمرار، يجب عليهم تتبّع مسار الأحداث لمعرفة إلى أين سيقودنا هذا النزوح الجماعي. مسؤوليتنا هي استكشاف الفرص الجديدة على المنصّات الناشئة قبل غيرنا.

وبدلاً من الاعتماد على أساليب التواصل التقليدية، ينبغي علينا أن نراقب بنشاط أين تدور النقاشات الحقيقية، وكيف تتشكّل التوجّهات، وأيّ المنصّات تكتسب ولاء الصحفيين. إذ عندما تسمع عن منصةٍ جديدة واعدة، تكون صفارة إنذار لك لإنشاء حضورٍ فوريٍّ فيها. لا تنتظر وصول جميع الصحفيين إليها، بل يجب أن تكون هناك قبلهم. سواءً كان ذلك عبر Blueskyأو ​​Threadsأو Substackأو النشرات الإخبارية أو LinkedInأو Reddit، لم تعد مواكبة أحدث التطورات خياراً، بل شرطاً للبقاء.

تحدّث بلغة الصحفيين الجدد واجعل رسالتك تعلق في الأذهان

النبرة هي جوهر التواصل. تخيّل حواراتك مع الصحفيين كحديثٍ بين أصدقاء، لا كحوارٍ رسمي ممل. استبدل العبارات الرنّانة مثل "نفخربإطلاق منصتنا الذكية دازل، المنصة المبتكرة المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة"، بجملة إنسانية مثل: "تعرف على دازل، أداة ذكاءٍ اصطناعي توفّر على محترفي العلاقات العامة ساعاتٍ من الروتين اليومي لتركّز على ما يهمّ حقّاً - بناء علاقاتٍ حقيقية مع الصحفيين".

إن ربط المحتوى بالثقافة الشعبية والاتجاهات الاجتماعية السائدة ليس رفاهية، بل ضرورة. إذ لطالما اندمجت العلاقات العامة في دورة الأخبار من خلال الاستفادة من السياق الثقافي، وهذا لن يتغير قريباً. وبعض أقوى حملات العلاقات العامة هي تلك التي تتموضع في قلب الأحداث الثقافية، وتركب موجة تيك توك فور انتشارها، وتواكب الحركات الاجتماعية في ذروتها، وتحوّل الأخبار الجافة إلى سردٍ مشوّق سواءً كانت تتمحور حول أخبار الثقافة الشعبية، أو حركة سياسية. هذه الاتجاهات عابرة، لذا لا يقتصر الأمر على رصدها فحسب، بل يتطلب تفاعلاً سريعاً يتناسب مع تسارع وتيرة الأخبار، وعلى العلاقات العامة مواكبة ذلك. السرعة في التفاعل (وليس فقط الرصد) هي ما يصنع الفارق.

استثمر المحتوى القابل للاستهلاك السريع

يفضّل الصحفيون استهلاك المعلومات بنفس الطريقة التي يفعلها جمهورهم - على شكل سناكات صغيرة سهلة الهضم. فالوثيقة الواقعية لا تعني بالضرورة أنها يجب أن تكون دقيقة تماماً وخالية من المتعة. وقد لا نكون خبراء في وسائل التواصل الاجتماعي، لكن علينا أن نحاول تقديم لمحات إخبارية جذابة تلفت انتباه الصحفيين بسرعة. يجب أن تساعد هذه اللمحات المراسلين على تصوّر عنوان مقالتهم وكيفية صياغة موضوعهم.

وعلى محترفي العلاقات العامة أن يعتمدوا محتوى سريعاً وجذاباً على غرار تيك توك، قصيراً وغنيّاً بالصور، لاستقطاب انتباه الصحفيين. فوفقاً لمركز بيو للأبحاث، يعتمد 52% من مستخدمي تيك توك على التطبيق للحصول على الأخبار. لن نصل إلى أي مكان بالتفاصيل المطوّلة. احرص على الجاذبية البصرية – سواءً عبر مقاطع الفيديو القصيرة أو الصور المتحركة GIFs أو منشورات تيك توك.

على سبيل المثال، بدلاً من شرح منتج عميلك عبر بريد إلكتروني طويل، يمكنك ببساطة إرسال رابط فيديو توضيحي قصير. لا، لا تشارك كل شيء! ركّز على الأهم، واحرص على ألّا يتجاوز الفيديو 60 ثانية. وباتّباع مبدأ "الأقل هو الأكثر"، يمكن لمتخصّصي العلاقات العامة جذب الصحفيين بفعّاليةٍ أكبر وجعل عروضهم التقديمية تبرز في فضاءٍ إعلامي مزدحم.

الصحفيون بحاجة إلى خبراء حقيقيين في ظل تفشّي المعلومات المضللة

في خضمّ انتشار المعلومات الخاطئة وأزمة الثقة في المشهد الإعلامي، تتاح للعلاقات العامة فرصة فريدة لتزويد الصحفيين بمصادر خبيرة توفّر الوضوح والمصداقية. الصوت البشري هو ما يهم حقاً، وهو ما يضيف عمقاً أكبر للتقارير الإخبارية.

كما يواجه الصحفيون ضغوطاً هائلة لنشر المحتوى بسرعة، ممّا يجعل المصادر الموثوقة أكثر قيمة من أيّ وقتٍ مضى. هنا يأتي دور متخصّصي العلاقات العامة في تقديم الأصوات التي تضيف زخماً حقيقياً للقصة، وتعزز المصداقية لوقف انتشار المعلومات المضلّلة. يتمّ ذلك من خلال ربط الصحفيين بروّاد الصناعة والخبراء المعتمدين الذين يقدّمون رؤى لا تقدّر بثمن لعمل الصحفيين.

كما إنّ اقتباساً من خبيرٍ معتمد في الاستدامة أو خبيرٍ رائد في الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، له قيمة تفوق بكثير الاعتماد على مصادر غير مباشرة. الصحفيون اليوم يحتاجون إلى الخبرة المباشرة من المصدر.

مواكبة الجيل القادم

إن الفشل في تلبية هذا المطلب للمصداقية في وسائل الإعلام سيترتّب عليه عواقب وخيمة. حيث سيفقد متخصّصو العلاقات العامة الذين لا يتكيّفون مع ثقافة الجاذبية والتلقائية "الريز" فرص الوصول إلى الجيل القادم من الصحفيين والجمهور. فالصحفيون الشباب لا يبحثوا عن منصّات جديدة فحسب، بل يتركوا باستمرار المنصات التي فقدوا الثقة بها.

كما أنّ البقاء في الطليعة لا يقتصر على تبنّي المنصات الجديدة فحسب، بل يشمل أيضاً فهم الأسباب الجذرية لترك الناس لها في المقام الأول، سواءً كان ذلك بسبب سأمهم من سياسات إيلون ماسك أو حاجتهم إلى محتوى أكثر جاذبية. ومن خلال الاعتماد على الشفافية والتواصل الإنساني الحقيقي، سيحافظ خبراء العلاقات العامة على أهمية عروضهم ويتجنبوا خطر الانقراض في ظل مشهدٍ إعلاميٍّ دائم التغيّر.

المؤلفة أيليت نوف

أيليت نوف هي الرئيسة التنفيذية ومؤسسة شركة SlicedBrand، إحدى وكالات العلاقات العامة الرائدة عالمياً في مجال التكنولوجيا. كما أنها الرئيسة التنفيذية والشريكة المؤسسة لشركة Dazzle، وهي أداة بحث بالذكاء الاصطناعي تُطابق قصص خبراء العلاقات العامة مع الصحفيين والوسائل الإعلامية المناسبة في الوقت الفعلي، مما يجعل سير عملهم أسرع وأكثر كفاءة من قبل.

البريد الإلكتروني للمؤلف

زيارة الموقع الإلكتروني للمؤلف

https://www.ipra.org/news/itle/itl-625-were-about-to-lose-these-brats-for-good-thats-a-problem-for-pr/

ترجمة وتدقيق صَبَا إبراهيم سعيد

تحذير واجب.

لا يحق نشر أي جزء من منشورات ميديا & PR، أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع، أو نقله على أي نحو، سواء إلكترونياً أو ميكانيكياً أو خلاف ذلك دون الاشارة الى المصدر، تحت طائلة المساءلة القانونية

يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام:

info@ipra-ar.org

Follow IPRA:

اتصل بنا

Mobile1 : +961-70043459
Mobile2 : +963-116122067
Fax :+963-0116117020
Email :ingo@ipra-ar.org