حراك المساهمين السويديين: الدور المحوري للمستثمرين الأفراد
في الثاني من نيسان/ أبريل 2014، تجمع حوالي 600 مساهم في ستوكهولم لحضور الاجتماع السنوي العام لشركةTeliaSonera(التي أصبحت الآنTelia). كانت القضية الرئيسية على جدول الأعمال تتعلق بمنح الرئيس التنفيذي السابق لارس نيبرجLars Nybergإعفاءً من المسؤولية، بعد التحقيق الذي أجرته شركة محاماة دولية في عمليات الشركة المثيرة للجدل في أوزبكستان وكازاخستان ونيبال.
وكان قد أعرب مستثمرو التجزئة، الذين يمتلك الكثير منهم أسهماً منذ خصخصة الشركة، عن استيائهم خلال اجتماعات الجمعية العمومية السابقة بشأن انخراط الشركة في أسواق شديدة الخطورة ومعرضة للفساد، وهو ما أضرّ بسمعة تيلياسونيراTeliaSoneraوعرضها لمخاطر قانونية. وفي نهاية المطاف، لم يُمنح نيبرغ إعفاءً من المسؤولية، كما لعبت ضغوط المساهمين المتزايدة - سواء من الأفراد أو المؤسسات - دوراً محورياً في إجبار الشركة على إعادة التفكير في استراتيجيتها. وفي عام 2015، أعلنت الشركة عن خروجها من أسواقها في أوراسيا للتركيز على منطقتي الشمال الأوروبي والبلطيق.
تسلط هذه الحالة الضوء على القوة التي يمكن أن يتمتع بها المستثمرون الأفراد السويديون عندما يتحدون. فهنا، لعب مستثمرو التجزئة تاريخياً دوراً أكثر نشاطاً في حوكمة الشركات مقارنة بالعديد من الأسواق الأخرى، التي يهيمن فيها المستثمرون المؤسساتيون.
تعود جذور المشاركة النشطة لمستثمري التجزئة السويديين إلى تفضيل البلد التاريخي والثقافي للمشاركة المباشرة في سوق الأسهم. على عكس أسواق مثل الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، حيث تهيمن صناديق الاستثمار المشتركة وخطط المعاشات التقاعدية، تمتلك السويد تقليداً عريقاً في المشاركة المباشرة في الأسهم، مدعومة بسياسات ضريبية مواتية وسكان على درجة عالية من المعرفة المالية.
منصات التداول عبر الإنترنت
أدى ظهور منصات التداول عبر الإنترنت مثلAvanzaوNordnetإلى زيادة تسهيل الاستثمار المباشر للأفراد. وقد أدت هذه العوامل إلى توافر حالة من الحيوية في سوق الأسهم في السويد، حيث غالباً ما يعطي المستثمرون الأفراد أولوية لاهتمامات مختلفة - مثل الأخلاقيات والاستدامة والرواية المؤسسية - مقارنة بالمستثمرين المؤسسيين الذين قد يركزون أكثر على العوائد المالية.
يُعرف مستثمرو التجزئة في السويد بتفاعلهم الشديد مع الشركات التي يستثمرون فيها. الأمر الذي أدى إلى تعزيز ثقافة الشفافية والاستجابة بين الشركات السويدية، حيث يحضر المستثمرون الأفراد في كثير من الأحيان اجتماعات الجمعية العمومية ويمارسون حقوقهم في التصويت على قضايا مثل أجور المديرين التنفيذيين، والاستراتيجية، والمبادرات البيئية والاجتماعية ومبادرات الحوكمة.
كذلك يحدث تحول ملحوظ في سوق الأسهم السويدية مع بدء ظهور جيل جديد من المستثمرين الأفراد الأصغر سناً. حيث تجلب هذه الموجة الجديدة من المستثمرين تفضيلات واستراتيجيات استثمارية ومجالات تركيز متميزة تختلف عن تلك التي لدى المستثمرين الأفراد الأكبر سناً والأكثر استقراراً، مما يخلق تحديات وفرصاً جديدة للشركات السويدية المدرجة في البورصة.
كما يميل مستثمرو التجزئة السويديون الأقدم، الذين ينشط العديد منهم في السوق منذ عقود، إلى التركيز على الشركات الراسخة والمستقرة منذ فترة طويلة. وغالباً ما تضم حقائبهم الاستثمارية شركات عريقة مثل فولفوVolvoوإريكسونEricssonوالبنوك الكبرى مثلSEBأو سويد بانكSwedbank. يقدِّر هؤلاء المستثمرون الشركات التي تتمتع بسجل حافل في تحقيق أرباح ثابتة ونمو مطرد. ونتيجة لذلك، يميل هؤلاء المستثمرون إلى تفضيل الأسهم القيادية المحافظة التي تعكس نهجهم طويل الأجل الذي يتجنبون فيه المخاطرة.
تفضيلات جيل الشباب
في المقابل، يميل مستثمرو التجزئة الأصغر سناً إلى الاستثمار في القطاعات المبتكرة وعالية النمو، بما في ذلك التكنولوجيا والطاقة النظيفة والشركات الناشئة. حيث ينجذب الكثير منهم إلى الشركات الأحدث، لا سيما تلك التي تعمل في القطاعات التي يرون أنها تشكل المستقبل. كما تحظى شركات التكنولوجيا مثلSpotifyوEmbracerوEvolutionأو الشركات التي تركز على الطاقة المتجددة والتقنيات المستدامة بشعبية خاصة بين هذه المجموعة.
ومع تقارب هذين الجيلين في السوق، يجب على الشركات المدرجة أن توازن بين رسائلها واستراتيجياتها لجذب كلتا المجموعتين. فالشركات التي تستطيع مواءمة أدائها المالي مع أوراق اعتمادها القوية في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، ستكون في أفضل وضع للتفاعل مع مجموعة كاملة من مستثمري التجزئة السويديين والحفاظ على قدرتها التنافسية.
إن نشاط مستثمري التجزئة السويديين فريد من نوعه، فهو غالباً ما يكون على مستوى القاعدة الشعبية ويركز على القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة، على عكس الأسواق التي تهيمن عليها المؤسسات الكبيرة. كما يركز كل من مستثمري التجزئة السويديين الأكبر سناً والأصغر سناً على الممارسات التجارية الأخلاقية، مما يعكس القيم المجتمعية المتعلقة بالاستدامة والشفافية والحوكمة.
ومع ذلك، يولي المستثمرون الشباب الأولوية للعمل المناخي والعدالة الاجتماعية، مما يدفع الشركات إلى التوافق مع هذه القيم. وقد دفع هذا الضغط الشركات السويدية إلى اعتماد ممارسات تجارية أكثر استدامة ومسؤولية، ودمج الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة في عملياتها الأساسية لتلبية المطالب التنظيمية، بالإضافة إلى التوقعات الأخلاقية للمساهمين.
مخاطر مختلفة
قد ينطوي نشاط مستثمري التجزئة على مخاطر مختلفة على الرغم من تأثيره الإيجابي. ففي بعض الأحيان قد تتعرض الشركات لعواصف من الانتقادات من مستثمري التجزئة بناءً على شائعات أو عدم وضوح في اتصالات الشركات، مما يعرّض الشركات لعواصف من الانتقادات، الأمر الذي قد يؤدي إلى مطالب مضللة قد لا تصب في مصلحة الشركة. وبالإضافة إلى ذلك، قد يركز بعض مستثمري التجزئة على المكاسب قصيرة الأجل، مما يضغط على الإدارة لإعطاء الأولوية للعوائد الفورية بدلاً من النمو والاستدامة على المدى الطويل.
وبالنظر إلى الدور الهام لمستثمري التجزئة في السويد، يجب على الشركات تكييف استراتيجيات الاتصال الخاصة بها لتلبية احتياجات هذا الجمهور. حيث تُعد الشفافية والتفسيرات الواضحة التي يسهل الوصول إليها للأداء المالي واستراتيجية الشركة وقضايا الحوكمة من الأمور الأساسية. كما تتواصل الشركات بصورة متزايدة مع مستثمري التجزئة من خلال المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث تقدم تحديثات وتوضيحات في الوقت المناسب وبشكل فوري.
وغالباً ما تتم المناقشات بين مستثمري التجزئة حول الشركات السويدية الآن على منصات الإنترنت مثلSharevilleأو المنتديات علىDiscord. حتى أن بعض الشركات اختارت التواصل مباشرة مع مستثمري التجزئة والإجابة عن الأسئلة وتقديم تحديثات حول القرارات الرئيسية على هذه المنتديات. مما ساعد على بناء الثقة والشفافية بين الشركات والمساهمين الأفراد.
ويجب على الشركات التي يتم إدراجها في السويد أن تكون أكثر توافقاً مع توقعات قاعدة المساهمين المتنوعة التي تتجاوز المستثمرين المؤسساتيين التقليديين. حيث يطالب مستثمرو التجزئة بتواصل واضح ومتاح، لا سيما الأمور المتعلقة بالمجالات المعقدة مثل تعويضات المديرين التنفيذيين وعمليات الدمج والاستحواذ والتخطيط الاستراتيجي طويل الأجل. يتطلب هذا التحول في آليات عمل المساهمين قيام الشركات بالاستثمار في استراتيجيات أكثر قوة لعلاقات المستثمرين، والاستفادة من المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي للحفاظ على حوار مستمر ومتكرر مع المساهمين الأفراد.
واستجابة للمخاوف والاحتياجات الفورية لمستثمري التجزئة، من المرجح أن تستفيد الشركات التي يمكنها التعامل بنجاح مع هذه الديناميكية من علاقات أقوى مع المساهمين، واستراتيجية مؤسسية أكثر مرونة، وسمعة إيجابية للحوكمة الأخلاقية. ومع استمرار مستثمري التجزئة في لعب دور مؤثر في سوق الأسهم في السويد، ستكون الشركات التي تتكيف وتتفاعل بفعالية مع هذه المجموعة، في وضع أفضل للازدهار في بيئة استثمارية تتسم بالشفافية والوعي الاجتماعي بشكل متزايد.
المؤلف يوناس رودنيJonas Rodny
يتمتع يوناس رودني، الشريك في شركة باوس ألبيرجPaus Åbergللاتصالات، بخبرة 25 عاماً في تقديم المشورة لمجالس الإدارة والرؤساء التنفيذيين، وكبار المسؤولين التنفيذيين في مجال الاستراتيجيات والاتصالات المؤسسية والاتصالات المالية. وقد شغل مناصب رئيس قسم المعلومات ومدير الاتصالات في شركات في القطاع المالي، بما في ذلك بورصة الشمال الأوروبي وبورصة أوماكس وشركةIK Investment PartnersوBankgirot.
ترجمة وتدقيق صَبَا إبراهيم سعيد
تحذير واجب.
يرجى التواصل لطلب إذن الاستخدام:
info@ipra-ar.org
اخر المقالات








اخر الاخبار







